

إعداد: جابر غنيمي دكتور في القانون المساعد الأول لوكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد
يعد اختلاس المال العام من الجرائم البشعة التي لا يقبلها شرع ولا دين ولا قانون أي دولة كانت، فإذا كان من المتعارف عليه الشخص الذي يسرق مال أو شيء يخص شخص واحد فقط تطبق عليه أقصى العقوبات وينظر له بازدراء من الجميع، فما بال بسارق مال الدولة بأكملها .
وقد حرم الإسلام اختلاس المال العام تحريمًا تامًا، وتوعد الله عز وجل لمختلس المال العام عقوبة كبيرة في الدنيا والآخرة، لكن رغم ذلك لا يفلت مختلس مال الدولة من عدالة القانون
فيعد الاختلاس وسرقة المال العام للدولة من الأمور المنهي عنها بشدة في الإسلام، بل يصل حكمها إلى التحريم المطلق، والنصوص الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية على ذلك كثيرة.
ومما ورد عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه “في ذات يوم أقبل ومعه بخور وعطور تخص بيت مال المسلمين وفجأة شمّ في خمار زوجته رائحة هذا العطر فأخذ يعاتبها على ذلك، برغم أنه دون قصد منها”.
والحكم واضح وصريح من هذه الأحاديث وغيرها الكثير بالنظر في هذا الباب من الفقه، فكل من قصّر في حماية المال العام أو تسبب في إتلافه فهو آثم شرعًا..
والاختلاس هو أخذ المال العام للدولة بواسطة من كان مسئولًا عن حمايته، أو إصلاحه، عنوة وبقوة ودون وجه حق، لمجرد استغلال نفوذ وتسهيلات الوظيفة في سرقة الدولة.
ويعني أيضًا أخذ الشيء وإخفائه سريعًا.
الفقرة الأولى: أركان جريمة اختلاس المال العام
تتمثل أركان حريمة اختلاس المال العام في أربعة أركان، هم:

صفة الجاني (ويقصد أن يكون عمله موظفًا. او شبه موظف
الركن المادي للفعل؛ ويقصد به عملية الاختلاس نفسها.
محور التهمة وهو المال الذي يتم اختلاسه أو الشيء الذي استولى عليه الجاني يكون هو المتحكم فيه وفقًا لوظيفته.
الركن المعنوي؛ ويقصد به القصد الخالص والنية من الاستيلاء على المال وعدم رده نهائيًّا.
الفقرة الثانية: عقوبة اختلاس المال العام
ينص الفصل (95) من المجلة الجزائية على أن “كل موظف عمومي، أو كل شخص يعمل بالحكومة ومسئول عن أموال تحت يده، سواءً كان موظفًا أم مديرًا، أو عن صيانتها وجبايتها، ويقبل أخذ هذا المال لنفسه أو يقبض شيئًا من المال مقابل تفريطه في المال المسئول عنه، يعاقب بالسجن مدة 15 عامًا مع دفع غرامة مالية (خطية) تساوي المبلغ المستولى عليه.
ينص الفصل (97) على “كل شخص اختلس مالًا أو ربحًا لنفسه أو لغيره مستغلًا مسئوليته عنه أو مكلف بحمايته، أن يعاقب بالسجن مدة 5 سنوات، وغرامة مالية تساوي المال المختلس”.
الفصل (97) مكرر ينص على “كل موظف أو شخص تعمد سواءً في حالة المباشرة أم عدم المباشرة بحكم مهامه ووظيفته، أو كان مكلفًا بإبرام العقود معها بأخذ شيئًا من مالها بعقوبة السجن 3 سنوات وغرامة مالية تقدر بمبلغ 3 آلاف دينار”.
الفصل (98) ينص على “يحق للمحكمة في الحالات الواردة بالفصلين 95، 97 أن تحكم بجانب العقوبات الموجودة فيهم، بسداد المبلغ المختلس سواء بقى على صورته المأخوذ عليها، أم انتقل إلى صورة أخرى، ولا يستطيع مرتكبي هذه الجريمة التخلص منها، إلا في حال تقديم ما يثبت مصدر هذه الأموال”.
