“أدناس” تتوَّج وتتوهّج في ختام المهرجان الوطني للمسرح المغربي في تطوان

كتبت – صفاء أحمد آغا
شهدت مدينة تطوان ليلة الجمعة ختامًا استثنائيًا للدورة الخامسة والعشرين من المهرجان الوطني للمسرح، في حدث فني جمع بين الاحتفاء بالإبداع المغربي وتكريم جهود الفرق المسرحية التي تنافست على مدى أيام المهرجان.
وجاءت لحظة الاختتام لتعلن عن تفوّق عمل مسرحي بصم بقوة في الدورة… مسرحية “أدناس”، التي خطفت الأنظار وتوّجت بالجائزة الوطنية الكبرى للمسرح، مؤكدة حضورها كأبرز عمل درامي في هذه النسخة.
“أدناس”.. عمل فني يفرض لغته الخاصة
حصدت الفرقة المسرحية القادمة من خريبكة إعجاب الجمهور ولجنة التحكيم بفضل عمل متماسك يجمع بين قوة النص وجمالية الصورة المسرحية وأداء فريق منسجم. وقد انعكس هذا التميز في حصول “أدناس” على أربع جوائز دفعة واحدة: الجائزة الكبرى للمهرجان ، أفضل سينوغرافيا وأفضل أزياء (صفاء كريت) وجائزة أفضل تشخيص نسائي (هند بلعولة)
تميّز العرض بالاعتماد على جمالية بصرية مكثفة، واشتغال دقيق على الإيقاع الدرامي وعلى العلاقات بين الممثلين، ما منح العمل قوة أدائية وعمقًا إنسانيًا لقي تصفيقًا حارًا من الجمهور التطواني.

جوائز أخرى تكشف عن جيل يجرب ويغامر
إلى جانب “أدناس”، حملت ليلة الختام إشادة بأعمال أخرى أثبتت أن المسرح المغربي يعيش دينامية متجددة؛ فقد حصلت مسرحية “الحراز” لفرقة الكواليس من الرباط على جائزة الأمل، فيما نال مخرجها أمين ناسور جائزة الإخراج بفضل رؤيته الإبداعية التي جمعت بين التراث وإعادة القراءة الفنية المعاصرة.
أما جائزة النص المسرحي فجاءت مناصفة بين
- شيماء الموزين عن مسرحية “ممانعة”
- علي الداه عن مسرحية “عظم السما”
وفي فئة التشخيص الرجالي، قُدمت الجائزة مناصفة بين
- رضا بنعيم (عظم السما)
- نور الدين زوال (رحلة)
وهي نتائج عكست تقارب مستوى العروض وتنوع مدارس الاشتغال المسرحي داخل المنافسة.
لجنة التحكيم: تقدير للدينامية… وتنبيه للتحديات
تقرير لجنة التحكيم كشف عن تقدير كبير للجهود المبذولة من الفرق المشاركة، خاصة ما اعتبرته “جرأة في طرح الأسئلة واستثمارًا متقدمًا للوسائط الفنية”. لكنها، في المقابل، سجّلت بعض الملاحظات المهنية، من بينها:
- الإفراط في توظيف التقنيات البصرية على حساب الأداء التمثيلي
- ضعف في فهم الدراماتورجيا لدى بعض العروض
- الحاجة إلى مزيد من العناية ببناء الحكاية والخط الدرامي

هذه الملاحظات جاءت في سياق مهني يهدف إلى تعزيز الجودة وتوجيه الأجيال المسرحية الصاعدة نحو مزيد من النضج الفني.
تطوان… مدينة تفتح ذراعيها للمسرح
تألقت تطوان خلال أيام المهرجان باعتبارها مدينة قادرة على احتضان حدث وطني بهذا الحجم. فقد امتلأت قاعات العروض بالجمهور، وبرز التفاعل القوي من المتلقين الذين تابعوا بحماس الأعمال المتنافسة.
كما شكّلت الندوات والورشات الفكرية والتكوينية فضاءً مهمًا للحوار بين الفنانين والنقاد، مما عزز الجانب المهني للمهرجان ومنحه بعدًا يتجاوز فرجة المسرح إلى بناء الوعي المسرحي.

ختام بنكهة التتويج… ودورة تعد بالمزيد
انتهى المهرجان بصورة تليق بتاريخ هذه التظاهرة العريقة، خصوصًا مع تتويج “أدناس” التي شكّلت أيقونة هذه الدورة. وقد ترك الختام انطباعًا قويًا بأن المسرح المغربي مستمر في التطور، وأن جيلاً جديدًا من الفنانين يدفع باتجاه تجديد اللغة المسرحية وابتكار طرق جديدة للحكي.
ومع إسدال الستار، بقي الأمل معلقًا بالدورات المقبلة، التي ينتظر أن تحمل مزيدًا من التنافس الفني وجرأة التجريب، مواصلةً تقليدًا بدأ منذ ربع قرن… مهرجان وطني يحتفي بالمسرح ويعلي من قيمة الإبداع المغربي.










